ثقافة

أبو مدين شعيب الغوث.. الفقيه والمتصوف الذي نشر العلم في الجزائر وقاد الجزائريين في معركة تحرير القدس

قال الباحث في التصوف والعضو المؤسس برابطة علماء الساحل كمال شكات أن الفقيه والإمام القطب والمتصوف أبو مدين شعيب الغوث، الذي ولد بالأندلس وعاش ومات بالجزائر، نشر العلوم والمعارف في الجزائر وقاد الجزائريين في معركة تحرير القدس في القرن الـ 12.

واعتبر شكات في حصة على “القناة الجزائر” للتلفزيون الجزائري تحت عنوان “الجزائر، أرض سلام ومعرفة وتسامح” أن الغوث، كمثال بارز للمتصوفين الحقيقيين، لم يهتم فقط بتزكية النفس وتطهيرها وإنما تعلم العلوم الدينية والمعارف الدنيوية وعلمهما كما شارك في معركة تحرير القدس بفلسطين، على حد قوله.

وأوضح أن هذا العالم الجليل “شكل جيشا جزائريا وتوجه به للدفاع عن القدس” مضيفا أن “حارة المغاربة وبابها الشهير وكذا حائط البراق كانت أملاكا جزائرية” وأن “العديد من العائلات ذات الأصول الجزائرية مازالت تعيش إلى اليوم بفلسطين وخصوصا بالقدس وأيضا قطاع غزة”.

وتم خلال هذه الحصة عرض شريط وثائقي حول الغوث بعنوان “مصير راع” (2011) لمخرجه عبد الرحمن بن عروس الذي تناول من خلاله مسار وحياة هذا المتصوف ونشره للعلم بالجزائر وكذا قيادته لآلاف الجزائريين في معركة حطين عام 1187 التي تحررت بموجبها القدس.

وجاء خصوصا في هذا الشريط أن هذا العالم “قد خرج وهو في الـ75 من العمر انطلاقا من بجاية على رأس ألف فارس وضعف عددهم من المشاة” من أجل المشاركة في تحرير القدس “يتبعهم آخرون من مدن جزائرية أخرى وأيضا مغاربية” هبوا لنجدة المدينة.

ويؤكد الوثائقي أن هذا المتصوف الجزائري “حضر تحرير القدس ما جعل صلاح الدين يمنحه وقفية باسمه” تضم عدة ممتلكات أبرزها حارة المغاربة وحائط البراق، إكراما له، حيث تم توزيعها على الجزائريين وكذا المغاربيين الذين حاربوا معه وفضلوا البقاء في المدينة بعد تحريرها.

ولد أبو مدين شعيب الغوث بإشبيلية بالأندلس (جنوب إسبانيا الحالية) وكانت في بداية حياته راعي غنم ليقرر بعدها الترحال طلبا للعلم فدرس في بداياته بفاس بالمغرب قبل أن يقرر أداء فريضة الحج حيث مر بالعديد من الحواضر الدينية والعلمية الجزائرية آنذاك كتلمسان وكذا بجاية التي أسرته وتركت فيه تأثيرا كبيرا.

وواصل بعدها طريقه إلى مكة وهناك التقى بالمتصوف والفقيه ومؤسس الطريقة القادرية عبد القادر الجيلاني الذي أثر فيه كثيرا فرافقه إلى بغداد بالعراق التي كانت في قمة ازدهارها ليقرر بعدها العودة إلى مدينته المفضلة بجاية لنشر علومه ومعارفه قبل أن يقرر وهو في آخر حياته التوجه إلى فلسطين للدفاع عن بيت المقدس ليعود بعدها إلى الجزائر وتوافيه المنية بنواحي تلمسان.

وكان القسم الثاني لهذه الحصة قد عرف تقديم وثائقي ثاني للمخرج احسن بوعبد الله حول رجل الدين المسيحي الفرنسي الكاردينال ليون-إيتيان ديفال المعروف بـ “محمد ديفال” تكريما له وتكريما أيضا لمواطنه رئيس أساقفة الجزائر السابق هنري تيسييه الذي توفي مؤخرا.

وعرف ديفال -الذي عاش وعمل بالعاصمة من 1954 إلى 1988 وتوفي بها عام 1996- بوقوفه ضد الرئيس الفرنسي شارل ديغول وسياسات بلاده الإستدمارية في الجزائر، مدافعا في نفس الوقت عن الجزائريين وحقهم في تقرير المصير.

واعتبر شكات أن ديفال من الأمثلة الكثيرة التي عرفتها الجزائر كأرض للعيش المشترك والتسامح الديني مضيفا أنها عبر التاريخ عرفت العديد من الأحداث التي رصعت اسمها عالميا في هذا المجال فقد كانت أرض الحماية لآلاف اليهود الفارين من مذابح المسيحيين في إسبانيا كما خرج منها الأمير عبد القادر الذي أنقد بدوره آلاف المسيحيين في بلاد الشام، على حد قوله.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى