مجتمع

مكافحة “كوفيد-19” بسطيف: أطباءٌ يراهنون على وعي المواطن

يراهن أطباءٌ موجودون في الصفّ الأوّل في مكافحة فيروس كورونا المستجد بسطيف، على المواطن الذي اعتبروه “حلقة أساسية في معركة

القضاء على هذه الجائحة”، آملين في مزيد من المسؤولية والالتزام بالإجراءات الوقائية تزامنًا مع تعديل توقيت الحجر الصحي الجزئي بهذه الولاية.

ويتطلّع هؤلاء الأطباء، الذين لم يعد أغلبهم يمارسون حياتهم الطبيعية منذ ظهور أوّل إصابة مؤكّدة بالمنطقة في 16 مارس الماضي، لاسيما منهم الذين لم يتسنَ لهم رؤية أطفالهم وعائلاتهم منذ أسابيع عديدة خوفًا من نقل العدوى إليهم، إلى المزيد من الالتزام والصرامة في التعامل مع هذا الفيروس التاجي الجديد والتعاطي معه بجدية أكبر.

كما أبدوا في الأيام الأخيرة، تخوفًا من العودة إلى “النقطة صفر”، بعد كل

التضحيات المقدّمة والجهود المبذولة والإمكانات المسخرة في سبيل القضاء على هذه الجائحة والخروج من هذه الأزمة الصحية بأقل خسائر ممكنة، على حد تعبير العديد منهم.

ويرى عدة أطباء في حديثهم لوكالة الأنباء الجزائرية، أن “المواطن يجب أن يكون الحليف الأساسي للأطقم الطبية في معركة القضاء على فيروس كورونا وأن يدرك ويعي قيمة التضحيّة التي قدمها هؤلاء في سبيل إنقاذ حياة مواطنين ومنع انتقال العدوى لعائلاتهم”.

فرئيسة المجلس الطبي بالمركز الاستشفائي الجامعي محمد عبد النور سعادنة، البروفيسور حورية زيداني، قالت في هذا الصدد إن “نقص الوعي لدى بعض المواطنين قد تعدى جميع الحدود، لدرجة أنهم يتبادلون الأقنعة الواقية عند دخولهم إلى بعض المؤسّسات والهيئات التي تجبر زائرها على هذا الإجراء الوقائي”، وهي صورة توحي، حسبها، بأن خوفهم من الإجراءات الردعية، يتجاوز بكثير خوفهم على حياتهم وحياة عائلاتهم.

وبلهجة تجمع بين الحسرة والصمود، وهي التي كانت منذ الوهلة الأولى واحدة من بين المئات في مواجهة هذا الوباء، ركزت على “ضرورة إيجاد الآليات اللازمة والكفيلة بإقناع المواطن بأن الفيروس يعيش معنا وبإمكانه حصد الكثير من الأرواح بسبب سلوكيات بسيطة غير واعية”.

وشددت على أنه “من المهم جدا أن يشعر المواطن بالخطر المحدق به وبعائلته بسبب هذا الفيروس القاتل، لأن الشعور بالخطر سيولد حتما اليقظة لديه، حينها فقط سوف يلتزم لوحده بالإجراءات الوقائية اللازمة حفاظا على حياته وحياة المقربين منه”.

من جهته، اعتبر الدكتور عبد الحميد بورغدة، من المؤسسة العمومية للصحة الجوارية بعين ولمان ( 45 كلم جنوب سطيف)، أن “القضية تتعدى الوعي الى نوع من التحدي من طرف عدد كبير من المواطنين الذين يواجهون الطبيب بتصرفات غريبة بسبب إصرارهم على إنكار وجود الفيروس”.

وأكد الدكتور بورغدة بأن الفرق الطبية وشبه الطبية باتت تعمل في ظروف نفسية وجسدية صعبة بسبب تصرفات هذا النوع من المواطنين في الوقت الذي يجدون فيه أنفسهم مجبرين على التنقل إلى منازلهم لتقديم العلاج لهم وتوجيههم وإقناعهم بضرورة الالتزام بالتعليمات من أجل منع نقل العدوى لأفراد آخرين.

وذكر المتحدث في نفس السياق بأن تطبيق حجر صحي حق يقي هو الكفيل بضمان السيطرة على هذا الوباء، مشيرا إلى أن تطبيق هذا الإجراء وفقًا للشروط المطلوبة والمعمول بها عبر عدة دول واجهت هذه الأزمة بفعالية، سوف يؤدّي لا محالة إلى نتيجة حتمية ومرضية في مدة “لا تتجاوز 14 يومًا”.

واقترح الدكتور بورغدة تخصيص هياكل أخرى على غرار الفنادق ودور الشباب ومراكز التكوين والتعليم المهنيين والإقامات الجامعية وغيرها تكون تخضع لرقابة طبية مشددة من أجل تطبيق حجر صحي حقيقي على الحالات المشتبه بإصابتها أو تأكد أنها حاملة للفيروس لاسيما وأن “حالات العدوى التي تنتقل حاليا تتم في أوساط العائلات”.

بالمقابل أجمع عدة مواطنين في تصريحاتهم لوأج، من أمام مقر البريد المركزي بوسط المدينة، بأنهم يدركون أهمية المساهمة في الجهود الوطنية من أجل القضاء على الجائحة كورونا وأن رفع الجحر الصحي أصبح مقترنا بمدى التزامهم بالإجراءات الوقائية وبمدى وعييهم بضرورة الامتثال للتعليمات الصادرة من طرف الحكومة.

للاشارة، سجلت ولاية سطيف خلال الأسابيع الأخيرة تزايدا “محسوسًا” في عدد حالات الإصابة المؤكدة اليومية بفيروس كورونا وهو ما أدخلها ضمن “الخانة الحمراء”، الأمر الذي يستدعي تنسيق أكبر للجهود والتحلي بالمزيد من الصرامة، حسبما شدد عليه والي الولاية، محمد بلكاتب.

بتسجيلها إلى غاية 14 يجوان/ونيو الجاري 756 حالة إصابة مؤكّدة وما يفوق 50 حالة وفاة، أصبحت سطيف من بين الولايات الثلاث الأولى الأكثر تضرّرًا بعد كل من الجزائر العاصمة والبليدة، حسب ما تضمنته الإحصائيات المعلن عنها من طرف الجهات الرسمية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى