من الذاكرة

أحمد زبانة .. أول شهيد أُعدِمَ بالمقصلة في 19 جوان 1956

أول شهيد أعدم بالمقصلة فأصبح رمزا للكفاح ومقاومة الشعب الجزائري ضد المحتل الفرنسي، “أحمد زبانة”، الملقب “بحميدة”، مسؤول جبهة وجيش التحرير الوطنيين بالمنطقة الغربية وهران، و أحد المجاهدين الأوائل للثورة التحريرية.

حكمت محكمة وهران بالإعدام على”أحمد زبانة” واسمه الحقيقي “زهانة” وإستشهد تحت المقصلة في 19 جوان 1956 في سجن بربروس بأعالي الجزائر العاصمة، وكان أول من واجه عقوبة الإعدام بهذه الوسيلة من بين 222 آخرين حكم عليهم طوال حرب التحرير الوطني.

صرخ الناشط الشاب، البالغ من العمر 30 سنة آنذاك قائلا “فخور بكوني أول من صعد على هذه الآلة”

رســالة” أحمد زبانة” قبل إعدامه

“أقربائي الأعزاء، أمي العزيزة : أكتب إليكم ولست أدري إن كانت هذه الرسالة هي الأخيرة، والله وحده أعلم. فإن أصابتني أي مصيبة فلا تيأسوا من رحمة الله. إنما الموت في سبيل الله حياة لا نهاية لها، وما الموت في سبيل الوطن إلا واجب، وقد أديتم واجبكم إذ ضحيتم بأعز مخلوق لكم، فلا تبكوني بل افتخروا بي. وفي الختام تقبلوا تحية ابن وأخ كان دائما يحبكم وكنتم دائما تحبونه، ولعلها آخر تحية مني إليكم وأجملها، وأني أقدمها إليك يا أمي وإليك يا أبي وإلى نورة والهواري وحليمة والحبيب وفاطمة وخيرة وصالح و دنيا وإليك يا أخي العزيز عبد القادر وإلى جميع من يشارككم في أحزانكم. الله أكبر وهو القائم بالقسط وحده”.

وعلى الرغم من حالته الصحية المتدهورة الناجمة عن طلق ناري في ساقه وذراعه اليسرى، وعلامات التعذيب البادية للعيان نتيجة الإقامة لعدة أشهر في الجانب المخصص للمحكومين بالإعدام في السجن، إلا أن جلاديه لم تأخذهم به رأفة وكانوا مصرين على تنفيذ الحكم فيه.

كانت ليلة 19 جوان 1956 على الساعة الرابعة صباحا تنفيذ الحكم ..أقتيد إلى المقصلة صرخ صرخته الخالدة “أموت وتحيا الجزائر”.

ولمرتين، سقطت قاطعة آلة القتل الرهيبة ولكن النصل بقي عالقا على بعد سنتيمترات من رقبة الشهيد وكما من المفروض، وكما يعمل به في كل دول العالم في مثل هذه الحالات، أن يلغى حكم الإعدام ويستبدل بالسجن مدى الحياة. غير أن الحال لم يكن كذلك بالنسبة لزبانة، فمحاولة ثالثة و أخيرة أنهت حياته ليستشهد لكي تحيا الجزائر.

“أحمد زبانة “كان يبحث عن حياة لا نهاية لها فكان له ما أراد في جنة الخلد وهو الذي رثاه الشاعر الجزائري “مفدي زكريا “بهذه الأبيات الرائعة:

قام يختال كالمسيح وئيدا يتهادى نشوانَ، يتلو النشيدا
باسمَ الثغر، كالملائك، أو كالطفل، يستقبل الصباح الجديدا
شامخاً أنفه، جلالاً وتيهاً رافعاً رأسَه، يناجي الخلودا
وامتطى مذبح البطولة معراجاً، ووافى السماءَ يرجو المزيدا
وتعالى، مثل المؤذن، يتلو… كلمات الهدى، ويدعو الرقودا
صرخة، ترجف العوالم منها ونداءٌ مضى يهز الوجودا:
”اشنقوني، فلست أخشى حبالا واصلبوني فلست أخشى حديدا”
”وامتثل سافراً محياك جلا دي، ولا تلتثم، فلستُ حقودا”
”واقض يا موت فيّ ما أنت قاضٍ أنا راضٍ إن عاش شعبي سعيدا”
” أنا إن مت، فالجزائر تحيا، حرة، مستقلة، لن تبيدا ”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى