أقلام التلفزيون

أنت بحاجة إلى مراجعات..!

لم أكن أوّد الرد على ما جاء على لسان منصف المرزوقي، (الرئيس التونسي السابق)، ولكن أرى من الضروري تصحيح مهاترات ومغالطات تاريخية سوّق لها في حواره مع «القدس العربي» يوم 19 نوفمبر الجاري.

المرزوقي، (المدافع) عن حقوق الإنسان – أو كما يدعّي- يدعو إلى التضحية بشعب بأكمله وبقضيته العادلة، لأنه يعطّل -بحسبه- استكمال بناء الصّرح المغاربي؟! ألم يكن من باب أولى أن يُدافع المرزوقي عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره؟ أم تراه أصيب بمصيبة الانفصام؟

من جهة يدافع عن (الثورات العربية) وعن حرية الشعوب وحقها في تقرير مصيرها، ومن جهة أخرى يدعو إلى قمع شعب عربي آخر وإلى حرمانه من هذا الحق – الذي أقرّته كل التشريعات والمواثيق الدولية – وفق منطق عددي بائس قائلا: «لا يمكن أن نضحّي بمستقبل 100 مليون مغاربي من أجل 200 ألف صحراوي»! وكأنّ هذا الشعب قطيع وليس بشرا، يحّق للمرزوقي أن يفرض وصايته عليه. ثم من خوّله حق الكلام باسم 100 مليون مغاربي، ويتهّم نيابة عنهم الصحراويين المستضعفين بالتسبّب في تعطيل عجلة الاتحاد المغاربي زورا وبهتانا، بينما لم يجرؤ على ذكر حقائق تاريخية ثابتة وهي أن المغرب هو من عطّله، عندما طالب بتجميد مؤسسات الاتحاد المغاربي عام 1994، والجزائر سعت وعملت على إعادة بعث هذا الأمل، الذي يراود كل شعوب منطقتنا، العام 2001 في اجتماع دعت إليه واحتضنته الجزائر وحضره كل وزراء خارجية الدول المغاربية، ما عدا المغرب، الذي فضّل يومها إيفاد الطيب الفاسي الفهري بدل وزير الخارجية، ليجدّد الفهري رفض بلاده الفصل بين ملف الصحراء الغربية واستكمال بناء الاتحاد المغاربي، في محاولة للضغط والابتزاز، بالرغم من أن النزاع الصحراوي كان موجودا قبل تأسيس اتحاد المغرب العربي بـ14 عاما، وهذه حقيقة تاريخية لم تكن للمرزوقي الشجاعة الكافية لذكرها كما لم تكن له الشجاعة لذكر من يقول، تلميحا، إنّهم يقفون وراء البوليساريو بأسلوب خبيث ومبطّن؟

ثم ماذا عن الجزائر، ومن سمح لك يا مرزوقي بالتدخل في شؤونها والكلام عن تغيير القيادات والسياسات في بلادنا، في كلام يُعيد إلى الأذهان ما قاله برنار كوشنير – بعدما عاد بخفي حنين من إحدى زيارته إلى الجزائر- حين صرّح أن العلاقات بين باريس والجزائر لن تصطلح إلا بعد رحيل جيل الثورة، وكأنه خطاب يخرج من مخبر واحد؟ ثم ها أنت تعترف، يا المرزوقي، أنّك كنت رهينة النظام الذي ثار ضده الشّعب الجزائري وحرّرك – كما تقول – فكيف يمكن لرهينة محرّرة أن تعلّم معاني الحرية لمن حرّرها؟ اللهّم إلا إذا كنت تعتقد أن الحرية والعبودية قد يجتمعان يوما، وأنت تدّعي أن الصحراويين يمكنهم العيش معزّزين مكرّمين تحت الاستعمار؟

بالفعل، أنت بحاجة إلى مراجعات ومراجعات يا المرزوقي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى