آخر الأخبارثقافة

علي معاشي… صوت الثورة التحريرية

في ذكرى استشهاده الثانية والستين

تستعيد الجزائر سنويا ذكرى استشهاد الفنّان والمناضل الجزائري علي معاشي في الثامن جوان 1958، وهو التاريخ الذي بات يوما وطنيا للفنان، تخليدا لمسيرته التي كانت، رغم قصرها، حافلة بالعطاء الفني والتضحية من أجل الوطن.

سفير الثورة

أبصر الشاعر والمغني الراحل النور سنة 1927 في حي كليبار الشعبي بمدينة تيارت، حيث زاول تعليمه الابتدائي. لكنه سيترك التعليم ليساعد والده في العمل الفلاحي، قبل أن يلتحق بالخدمة العسكرية الإجبارية في قوات البحرية الفرنسية بمدينة بنزرت التونسية.

أظهر علي معاشي ميلا إلى الموسيقى منذ نعومة أظفاره؛ حيث تأثر بأعمدة الطرب العربي وبشعراء الملحون مثل محمد بلطرش الذي تأثر بقصيدته “مولاة الحايك”.

وقد ترجم ميوله الموسيقية هذه حين أسّس فرقة فنية عام 1953 اختار لها اسم “سفير الطرب”، والتي طاف مع أعضائها عدّة مناطق، بدءا من مسقط رأسه في تيارت إلى مصر وتونس.

وكانت “يا بابور” أول أغنية يقوم بتأليفها، وهي مقدّمة لسلسلة من الأغاني الثورية والغزلية التي سرعان ما برز اسمُه من خلالها مثل: “تحت سماء الجزائر” و”طريق وهران”، حيث تميز ببصمته الخاصة التي دمج فيها النغمة الوهرانية الأصيلة بالألحان الشرقية.

أمّا أشهر أغانيه على الإطلاق، فهي أغنية “أنغام الجزائر” التي أداها عام 1956 وأعاد غناءها مطربون بارزون أشهرهم نورة ووراد بومدين، وفيها جمع مختلف الطبوع الموسيقية في الجزائر، مُبرزا تعدد وثراء الموسيقى الجزائرية.

ولهذه الأغنية قصة لافتة، إذ ألفها علي معاشي ردا على أغنية الفنان المصري فريد الأطرش “بساط الريح” التي قدّمها عام 1950 ضمن فيلم “آخر كدبة”، والتي ذكر فيها عددا من البلدان العربية وتجاهل الجزائر.

وفي هذه الأغنية، كما في أغانيه التي تجاوز عددها 16 أغنية، لعب معاشي دورا بارزا في شحذ همم الجزائريين وترسيخ حب الوطن لديهم والتفافهم حول الثورة، وهو الدور الذي جعل منه سفيرا للثورة التحريرية.

غير أن دور علي معاشي في الثورة لم يقتصر على الكلمة واللحن، ففي عام 1957 التحق بصفوف الثورة وكلفته قيادتها بمهمة نسخ نص النشيد الوطني من الوثيقة الأصلية المستقدمة من تونس وتوزيعها بين الأوساط الشعبية.

وهذا النشاط الثوري الذي يُضاف إلى أغانيه الوطنية والثورية جعلت قوات الاحتلال الفرنسي تختطفه مع اثنين من رفقائه المناضلين وتقتادهم إلى “ساحة كارنو” عند مدخل مدينة تيارت وتقوم بإعدامهم والتنكيل بجثثهم في الثامن جوان من عام 1958.

يوم الفنان

اعتُمد يوم الثامن جوان يوما وطنيا للفنان تخليدا لذكرى استشهاد علي معاشي، وهي مناسبة للاحتفاء بالفنانين الجزائريين وتكريمهم، حيث تُقام العديد من النشاطات الفنية والثقافية في هذا اليوم، من بينها توزيع “جائزة علي معاشي للمبدعين الشباب”، والتي جرى استحداثها عام 2007 تزامنا مع احتضان الجزائر تظاهرة عاصمة الثقافة العربية.

وتُمنح الجائزة للمبدعين الجزائريين الشباب الذين تقل أعمارهم عن ثلاثين سنة، في مجالات الرواية، والشعر، والعمل المسرحي المكتوب، والأعمال الموسيقية، والفنون الغنائية والرقص، والفنون السينمائية والسمعية البصرية، والفنون المسرحية، والفنون التشكيلية.

ويعود الثامن جوان هذا العام وسط ظرف استثنائي تعيشه الجزائر والعالم، يتمثل في تفشي فيروس كورونا المستجد، والذي أدى إلى تعليق النشاطات الفنية لفترة مؤقتة، ما أدخل كثيرا من الفنانين في حالة من البطالة.

وتحسبا لهذا الوضع، خصصت وزارة الثقافة منحة استثنائية للفنانين المتضررين من توقف النشاط الثقافي نتيجة جائحة كوفيد – 19، حيث نصبت فريق عمل لتقديم تعويضات لهم. كما كشفت وزيرة الثقافة، مليكة بن دودة، عن أن قطاع الثقافة بصدد التفكير في آليات جديدة ومختلفة لتقديم المساعدات المالية لفئات لا تستوعبها القوانين الحالية على مستوى “الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة”.

قانون الفنان

جرى تأسيس “المجلس الوطني للآداب والفنون” التابع لوزارة الثقافة كهيئة تُعنى بالتكفل بانشغالات الفنانين الجزائريين الذين كثيرا ما اشتكوا من غياب وضعية قانونية تسمح بالاعتراف بهم ومن ثم استفادتهم من الرعاية الاجتماعية.

وفي مطلع السنة الجارية، أعلن المجلس عن تعليق إصدار بطاقة الفنان في انتظار بدء الإجراءات الجديدة التي أُعلن عنها في جوان 2019، والتي تتعلق بصدور القانون الذي ينقح المرسوم التنفيذي 11-209، وذلك للتأسيس القانوني للبطاقة التي ستحمل اسم “بطاقة الهوية الفنية”، وتطوير المنصة الرقمية لقاعدة البيانات لفتح باب التسجيل عبر الإنترنت على الموقع الرسمي للمجلس، وانطلاق اختبارات الاستماع والمقابلات أمام لجنة المجلس للاعتراف بصفة فنان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى