أخبار الوطن

مؤسسة إعادة التربية بالبليدة: نتائج الامتحانات تعكس نجاعة برنامج إعادة الإدماج

سجلت مؤسسة إعادة التربية والتأهيل بولاية البليدة نسبة نجاح عالية في امتحاني البكالوريا ونهاية التعليم المتوسط هذه السنة مما يعكس نجاح برنامج إعادة إدماج نزلاء المؤسسات العقابية المعتمد من قبل الدولة لمساعدتهم على الإندماج في المجتمع عقب انقضاء فترة عقوبتهم، حسبما كشف عنه مديرها الضابط العميد عبد المالك بلواش.

وأوضح الضابط العميد بلواش أن نزلاء هذه المؤسسة العقابية تمكنوا هذه السنة من تحقيق نتائج دراسية “جد مشرفة” بحيث قدرت نسبة النجاح في شهادة البكالوريا 87 بالمائة، مشيرا إلى أنه من بين 82 نزيلا بهذه المؤسسة العقابية اجتازوا هذا الإمتحان، خمسة منهم نساء، 69 منهم تمكنوا من تحقيق حلمهم في نيل هذه الشهادة ب”الرغم من وضعيتهم النفسية بسبب تقييد حريتهم”.

وتكللت جهود ومثابرة المحبوسين المشاركين في امتحانات نهاية التعليم المتوسط والمقدر عددهم ب 85 سجينا بتحقيق نسبة نجاح قدرت ب 65 بالمائة.

كما تمكن 64 بالمائة من نزلاء هذه المؤسسة العقابية الذين شاركوا في إمتحانات الدخول إلى جامعة التكوين المتواصل من الحصول على هذه الشهادة، وفقا لذات المسؤول.

وأرجع ذات المتحدث أسباب تحقيق هذه النتائج، التي تفتخر بها إدارة السجن، إلى حرص هذه الأخيرة، منذ بداية الموسم الدراسي، على ضمان المرافقة النفسية وكذا البيداغوجية للنزلاء المترشحين قصد توفير لهم الظروف المواتية لتحقيق هدفهم في الفوز في هذه الإمتحانات.

وفي هذا الصدد تطرق إلى دور مصلحة إعادة الإدماج التابعة لهذا المؤسسة العقابية في تحسيس السجناء للانخراط في برنامج إعادة التأهيل الذي يتيح لهم عدة خيارات لإستغلال فترة عقوبتهم لمواصلة مشوارهم الدراسي أو اختيار الإنضمام إلى أقسام التكوين المهني لتعلم حرفة ما تساعدهم على ولوج عالم الشغل عقب خروجهم من السجن.

وبهدف تعريف هؤلاء السجناء بمختلف البرامج التكوينية المتاحة لهم، يقول ذات المسؤول، يتم بث محتوى هذه البرامج بشكل دوري عبر شاشات التلفاز المتواجدة بالمؤسسة بالإضافة إلى تسليمهم مطويات عند دخولهم السجن، لافتا إلى أن أغلبيتهم يختارون الإنخراط في هذا البرنامج كونه الوسيلة الوحيدة لإخراجهم من الحالة النفسية التي يعيشونها نتيجة تقييد حريتهم وبعدهم عن عائلاتهم.

وأضاف أن إدارة المؤسسة تحرص على توفير كامل الظروف المناسبة للنزلاء المقبلين علىإجتياز شهادتي البكالوريا ونهاية التعليم المتوسط من خلال إتاحة لهم إمكانية المراجعة الجماعية داخل المكتبة فضلا عن تلقيهم الدروس داخل أقسام عادية تحت إشراف أساتذة في مختلف المواد التي سيمتحنون فيها، مشيرا إلى أن الحجم الساعي الذي يقضيه النزلاء في الدراسة يتراوح ما بين الثمانية والعشرة ساعات يوميا.

وبحسب السيد بلواش فإن النتائج الجيدة المحققة هذه السنة ترجع أيضا إلى تظافر جهود إدارة السجون مع جميع شركائها من وزارتي التربية والتكوين المهني وكذا الديوان الوطني للتعليم عن بعد الذي يحرص عند بداية كل موسم دراسي على تقديم أقراص مضغوطة توزع على النزلاء المعنيين تحوي مختلف البرامج والمراجع التربوية.

 

== البحث عن بداية جديدة ==

أجمع مختلف نزلاء مؤسسة إعادة التربية والتأهيل بالبليدة المتفوقين في إمتحان شهادتي البكالوريا وامتحانات نهاية التعليم المتوسط لهذه السنة أن إرادتهم القوية التي استمدوها سواء من المحيط العائلي أو القائمين على هذا السجن شكلت لهم أهم دافع لتحقيق النجاح.

وفي حديثها مع أكدت إحدى الفائزات في إمتحان شهادة البكالوريا البالغة من العمر 40 سنة أن الدعم المعنوي الذي قدمته لها عائلتها وخاصة والديها شكل لها حافزا قويا لإعادة هذه التجربة التي سبق لها وأن خاضتها قبل دخولها السجن إلا أنها فشلت فيها، لافتة إلى أن جميع النزيلات الخمسة اللواتي شاركن في هذا الإمتحان هذه السنة حققن النجاح.

بدورها عبرت سجينة أخرى تبلغ من العمر 24 سنة عن فرحتها بالفوز في هذا الإمتحان بتحقيقها لمعدل 02ر13 وهي الفرحة التي أضحت فرحتين -على حد قولها- بعد إستفادتها من العفو الرئاسي وتخفيض مدة محكوميتها بسنتين.

وقالت هذه النزيلة التي تعد أصغر النزيلات المشاركات في هذا الإمتحان أن هذه التجربة ساعدتها على التغلب على الحالة النفسية التي أصابتها عقب دخولها السجن ومنحت لها دافعا للتفاؤل بالمستقبل الذي تطمح إليه بتحقيق حلمها في أن تصبح صحفية.

من جهته، أشاد أحد النزلاء الفائزين في هذا الإمتحان بالظروف المناسبة والإمكانيات التي وفرتها لهم إدارة السجن التي لم تبخل عنهم بمنحهم مختلف الكتب والمراجع خلال الموسم الدراسي فضلا تنظيمها لنشاطات ثقافية ورياضية للترفيه عنهم زد على ذلك عن طبيعة العلاقة الطيبة المبنية على الإحترام التي جمعتهم بأساتذتهم وكذا الحراس.

ومن يين المنخرطين في برنامج إعادة التأهيل، نزيل في العقد الرابع اختار مواصلة دراسته بالرغم أنه محكوم عليه بالسجن المؤبد غير أنه لم يفقد الأمل وحرص على ملء وقت فراغه بالدراسة.

وفي لقائه، أكد هذا النزيل الذي قضى مدة تسعة سنوات من فترة محكوميته في السجن أنه إختار مواصلة دراسته بعد مرور سنته الأولى بالسجن والتي وصفها بأصعب فترة له داخل هذا الوسط المغلق، حاول خلالها التأقلم مع حياته الجديدة والتي تمكن من تجاوزها بفضل مرافقة الأخصائيين النفسانيين له، كما قال.

وإعتبر سعادة وإفتخار والدته به أجمل هدية تحصل عليها عقب فوزه في امتحان نهاية التعليم المتوسط، معبرا عن نيته وإصراره على مواصلة دراسته ونيل شهادة البكالوريا.

وبالرغم من اختلاف أهداف وطموحات مختلف النزلاء الفائزين في امتحان شهادة التعليم المتوسط أو البكالوريا إلا أن طموحهم وسعيهم نحو تحقيق بداية حياة جديدة بعد خروجهم السجن يبقى الأهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى