ثقافة

محمد أركون.. عشر سنوات على رحيل المفكّر الجزائري البارز

في مثل هذا اليوم قبل عشر سنوات، رحل المفكّر والأكاديمي الجزائري البارز محمد أركون، تاركاً إرثاً كبيراً ومتميّزاً في حقل الدراسات التي تُعنى بنقد العقل الإسلامي.

أبصر أركون النور عام 1928، في تاوريرت ميمون بآيت ينّي في تيزي وزّو، والتي سيُغادرها صغيراً مع عائلته إلى إحدى بلدات عين تموشنت حيث التحق بمدرستها الابتدائية، ثمّ أتمّ دراسته الثانوية في مدينة وهران، ودراسته الجامعية في “جامعة الجزائر” ثمّ “جامعة السوربون” بالعاصمة الفرنسية، وكانت أطروحة تخرّجه حول الفيلسوف ابن مسكويه.

وعمل أركون أستاذاً لتاريخ الفكر الإسلامي والفلسفة بين 1961 و1969 في جامعة السوربون التي تخرّج منها عام بدرجة دكتوراه، وفي جامعة ليون بين 1970 و1972، وجامعة كاليفورنيا عام 1969، وجامعة نيويورك بين 2001 و2003، وأيضاً باحثاً مرافقاً في العاصمة الألمانية بين 1986 و1987، وكان عضواً في مجلس إدارة معهد الدراسات الإسلامية في لندن منذ عام 1993 وحتى رحيله.

وترك أركون، الذي ألّف باللغتين العربية والإنكليزية، عدداً كبيراً من الأعمال الفكرية التي تُرجم معظمها إلى عدّة لغاتٍ أُخرى؛ كالعربية التي تُرجم إليها عددٌ كبير منها؛ ومن بينها: “الفكر العربي”، و”الإسلام: أصالة وممارسة”، و”تاريخية الفكر العربي الإسلامي” أو “نقد العقل الإسلامي”، و”الفكر الإسلامي: قراءة علمية”، و”الإسلام: الأخلاق والسياسة”، و”الفكر الإسلامي: نقد واجتهاد”، و”العلمنة والدين: الإسلام، المسيحية، الغرب”، و”من الاجتهاد إلى نقد العقل الإسلامي”، و”من فيصل التفرقة إلى فصل المقال: أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟”، و”الإسلام أوروبا الغرب، رهانات المعنى وإرادات الهيمنة”، و”نزعة الأنسنة في الفكر العربي”، و”قضايا في نقد العقل الديني. كيف نفهم الإسلام اليوم؟”.

ومن كتبه أيضاً: “معارك من أجل الأنسنة في السياقات الإسلامية”، و”من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني”، و”أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟”، و”القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني”، و”تاريخ الجماعات السرية”.

في أعماله تلك، دعا محمد أركون إلى تفكيكك الخطابات التقليدية، منتقداً المنهج الاستشراقي الكلاسيكي، بانياً مشروعه على عدم الفصل بي الحضارات الشرقية والغربية واحتكار الإسقاطات على أحدهما دون الآخر، مقترحاً إمكانية فهم الحضارات دون النظر إليها على أنها شكل غريب من الآخر.

ومثّل نقد العقل الإسلامي المشروع المحوري في تجربة أركون الفكرية، حيث انشغل بذلك من خلال دراسة النصوص الدينية وأصول الفقه التي أصّلها علماء الشريعة الإسلامية على مدار القرون الثلاثة الأولى لظهور الإسلام، والتي جسدت قدرة العقل الإسلامي على التحليل والتفسير والاستقراء والاستنباط.

ويصف أركون مشروعه قائلاً: “مشروع نقد العقل الإسلامي لا ينحاز إلى مذهب ضد المذاهب الأخرى ولا يقف مع عقيدة ضد العقائد التي ظهرت أو قد تظهر في التاريخ. إنه مشروع تاريخي وأنثروبولوجي في آن معاً، يثير أسئلة أنثروبولوجية في كل مرحلة من مراحل التاريخ. ولا يكتفي بمعلومات التاريخ الراوي المشير إلى أسماء وحوادث وأفكار وآثار دون أن يتساءل عن تاريخ المفهومات الأساسية المؤسّسة كالدين والدولة والمجتمع والحقوق والحرام والحلال والمقدّس والطبيعة والعقل والمخيال والضمير واللاشعور واللامعقول، والمعرفة القصصية (أي الأسطورية) والمعرفة التاريخية والمعرفة العلمية والمعرفة الفلسفية”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى