أخبار الوطنمجتمع

مريم شرفي لموقع التلفزيون الجزائري: إقحام الأطفال في مواضيع اجتماعية أو سياسية في قنوات تلفزيونية خاصّة أمرٌ غير قانوني

ثمّنت مفوضة الهيئة الوطنية لحماية الطفولة، مريم شرفي مضمون البيان المشترك الذي أصدرته وزارة الاتصال والسلطة الوطنية لضبط السمعي البصري، حول بثّ قنوات تلفزيونية خاصة برامج تمس الحياة الشخصية للأطفال، مضيفة في حوار خصت به “الموقع الإخباري للتلفزيون الجزائري”، أن هذه الخطوة جاءت لوضع حد لهذه الممارسات التي تؤثر نفسيًا واجتماعيًا على هذه الشريحة، مؤكدة أن رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون أولى عناية فائقة لترقية حقوق الطفل الذي حظي بمكانة خاصّة في التعديل الدستوري الأخير، لاسيما بتكريس المصلحة العليا للطفل (المادة 71).

وزارة الاتصال وفي بيان مشترك مع السلطة الوطنية لضبط السمعي البصري ، وجّهت تحذيرات لقنوات تلفزيونية خاصة تبث برامج تمسّ بالحياة الشخصية للأطفال وهدّدت بمتابعتها قضائيًا. كيف ترى مفوضة الهيئة الوطنية لحماية الطفولة هذه الخطوة؟

مريم شرفي: كلّ خطوة تهدف لحماية الطفولة في الجزائر نحن نستحسنها في الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، فهذا البيان المشترك بين وزارة الاتصال والسلطة الوطنية لضبط السمعي البصري يهدف إلى حماية الحياة الخاصة للطفل وهو حقّ أقرته (المادة 16) من اتفاقية حقوق الطفل، وأكده القانون الجزائري وجاء هذا البيان ليؤكد ويدعم المساعي التي تقوم بها هيئتنا في هذا المجال، من خلال التذكير بأهمية حماية حقوق الطفل من كل انتهاك، وفعلًا تبين أن هذه الحقوق منتهكة بفعل بعض الحصص التلفزيونية التي تبث على القنوات الخاصة، أو على بعض مواقع التواصل الاجتماعي بإظهار والاستماع الى شهادات أطفال في وضع اجتماعي صعب وعرضها على الجمهور أو اشراك الأطفال في مواضيع تخص الكبار وهو المساس الذي يحول دون كفالة حق الطفل في احترام خصوصيته وحمايته من الاستغلال وكل ما من شأنه الإضرار بتوازنه الفكري والبدني وبصحته العقلية. واستنادًا إلى أحكام القانون (رقم 15-12) المتعلق بحماية الطفل، لاسيما المادتين 140 و141 منه، اللتان تعاقب على كل محاولة للنيل من الحياة الخاصة للطفل، ومن القانون العضوي (رقم 12-05) المتعلق بالإعلام، الذي نصّ أن آداب وأخلاقيات مهنة الصحافي، تقتضي منع كل نشر أو بث لما من شأنه المساس بالحق العام أو استفزاز مشاعر المواطن، وكذا ما يوصف على أنه انتهاك للحياة الخاصّة للأشخاص ومنهم الأطفال. وبموجب أيضا القانون (رقم 14-04) المتعلق بالنشاط السمعي البصري، لاسيما (المادتين 47 و48) منه، فإن دفتر الشروط المحدد لكافة خدمات الاتصال السمعي البصري يوجب وضع آليات ووسائل تقنية لحماية الأطفال القصر والمراهقين، في البرامج التي يتم بثها وعدم إلحاق الضرّر بحقوق الطفل كما هي محددة في الاتفاقيات الدولية، وأن أيّ إخلال بذلك يعرض صاحبه لعقوبات جزائية وإدارية وفقًا للتشريع الساري المفعول.

بعض القنوات تتعمد أحيانًا بث مواضيع يكون فيها التركيز على هذه الفئة الحساسة داخل المجتمع مُبالغًا فيه، كيف تُؤثر هذه الممارسات على سلوك الطفل مع مرور الوقت؟

مريم شرفي: نحن دائمًا في الهيئة الوطنية نركز على حقّ الطفل في أن يعيش طفولته بعيدًا عن مشاكل الكبار وتقع على عاتق الوالدين بالدرجة الأولى مسؤولية حماية الطفل طبقًا لـ (المادة 5) من قانون حماية الطفل، فعلى الأسرة أن توفر له الحماية اللازمة وخاصة حماية حياته الخاصة وعدم التشهير بها، كما أن للإعلام دور محوري في التوعية والتحسيس في هذا المجال. فعرض صور أو فيديوهات أو استعمال حياة الطفل الخاصّة كمادة إعلامية في وسائل الاعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي سينعكس سلبًا على سلوكيات الطفل وشخصيته لاسيما: – إعادة إحياء الصدمة عند مشاهدته للأحداث مجددًا مما يؤثر على نفسيته وعلى توازنه العاطفي، علمًا أن قانون حماية الطفل في المادة 46 منه تنص على التسجيل السمعي البصري لسماع الطفل ضحية الاعتداءات الجنسية خلال التحري والتحقيق مع إمكانية حضور أخصائي نفساني خلال السماع لتفادي سماع الطفل عدة مرات. – استغلال البيانات الشخصية لأغراض خاصّة. – يمكن إثارة انتباه أشخاص قد يسيؤون للطفل. -وضع أحكام مسبقة تخص الحياة الخاصة للطفل التي يمكن أن تتبعه طوال حياته. -إثارة أحاسيس الشفقة والعطف التي قد تسيء للطفل. نتحدث الآن عن عمل وأنشطة الهيئة الوطنية لحماية الطفولة.

أين وصل مستوى التنسيق مع السلطات العمومية لحماية هذه الشريحة؟

مريم شرفي: حرصت الهيئة الوطنية على تنسيق عملها مع مختلف القطاعات والمتدخلين في مجال الطفولة، تماشيًا والمنظور الجديد الذي كرّسهُ قانون حماية الطفل، لاسيما من خلال تنصيب لجنة التنسيق الدائمة للهيئة الوطنية، التي تتشكل من ممثلي 16 قطاعًا وزاريًا، إضافة إلى ممثلي المديرية العامة للأمن الوطني وقيادة الدرك الوطني والمديرية العامة للحماية المدنية. ويحظى تمثيل المجتمع المدني في تشكيلة لجنة التنسيق الدائمة مكانة هامة، من خلال عضوية عدة جمعيات وطنية، هذه اللجنة تجتمع مرة في الشهر وتدرس مواضيع متعلقة بالطفولة. كما تم تنصيب على مستوى الهيئة بالتنسيق مع وزارة الصحة اللجنة الموضوعاتية للصحة التي تتكون من 30 عضوًا منهم أطباء من مختلف التخصصات وأخصائيين نفسانيين وأساتذة وإعلاميين وخصصت هذه اللجنة عامي 2019 و2020 للصحة العقلية للطفل. ولتعزيز سبل التنسيق وتطوير قدرات ومهارات المهنيين عملت الهيئة الوطنية على الاستثمار في العنصر البشري، من خلال تنظيم عدة دورات تكوينية لفائدة كل المتدخّلين في مجال الطفولة، نخصّ بالذكر قضاة الأحداث ومدراء المؤسسات العقابية ومراكز إعادة التربية وإدماج الأحداث ومصالح الوسط المفتوح والمصالح الأمنية وفعاليات المجتمع المدني الناشطة في ميدان الطفولة والإعلاميين (الصحافة المكتوبة والسمعية و/أو البصرية والإلكترونية) تأسست على إثرها شبكة الإعلاميين الجزائريين لتعزيز حقوق الطفل في 15 جانفي 2018، وهي شبكة فريدة من نوعها وتجربة رائدة في الوطن العربي.

بلغة الأرقام، ما هي حصيلة عمل هيئتكم في 2020 حول حالات الاعتداء على الطفولة؟

مريم شرفي: طبقًا للمرسوم التنفيذي (رقم 16-334) المؤرخ في 19 ديسمبر 2016 الذي يحدّد شروط وكيفيات تنظيم وسير الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة، زُودت الهيئة الوطنية برقم أخضر مجاني”1111″، وبخلية لتلقي الإخطارات عن انتهاك حقوق الطفل، مكلّفة باستقبال ومعالجة الإخطارات، إلى جانب آليات الإخطار الأخرى والمتمثلة في استقبال المخطرين بمقر الهيئة والبريد الإلكتروني والبريد العادي، إضافة الى التدخل التلقائي للمفوضة الوطنية. وتشجيعًا لنشر ثقافة الإخطار عن انتهاكات حقوق الطفل على نطاق واسع، نص القانون على ضرورة الحفاظ عن سرية القائم بالإخطار، وعدم الإفصاح عن هويته والكشف عنها إلاّ برضاه، وبإعفاء الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين قدموا إخطارات بحسن نية، من أيّة مسؤولية إدارية أو مدنية أو جزائية، حتى وإن لم يؤدي التحقيق فيها إلى أية نتيجة. تتشكّل هذه الخلية من أخصائيين نفسانيين وأخصائيين في علم الاجتماع وقانونيين تسهر على استقبال المكالمات والإصغاء للمتصلين والتكفل بانشغالات المواطنين وتوجيههم في مجال حماية الطفولة وتدوين الإخطارات ومعالجتها بالتنسيق مع كل الجهات المعنية. ومنذ إطلاق الخط الأخضر المجاني “1111” للتبليغ عن انتهاكات حقوق الطفل في أفريل 2018 إلى غاية 31 ديسمبر 2020،عالجت الهيئة الوطنية ما يقارب 1.969.365 انشغال للمواطنين في مجال الطفولة وتكفلت بـ 5911 طفل في خطر بمختلف أنواعه (سوء معاملة، استغلال جسدي وجنسي، التسول وتعريض الطفل للتسول، التقصير البين والمتواصل في التربية، استغلال اقتصادي، الإهمال والتشرد….).

ما هو الجديد في برنامج عمل هيئتكم خلال سنة 2021؟

إضافة الى مواصلتنا لتجسيد المهام الأساسية الموكلة للهيئة سنعمل خلال هذه السنة على: – استحداث تطبيق عن طريق الهاتف الذكي لتلقي الإخطارات حول انتهاكات حقوق الطفل. – تكثيف البرامج التحسيسية للوقاية من انتهاك حقوق الأطفال لاسيما الجرائم المرتكبة على الأطفال. – وضع حيز النفاذ النظام المعلوماتي الوطني حول وضعية الطفولة بالجزائر بالتنسيق مع الإدارات والهيئات المعنية. إن التصور المتوخى من هذا النظام هو جعل الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة هيئة مرجعية في مجال المعلومات المتعلقة بالطفولة في الجزائر ووضعية حقوقها وسيشكل هذا النظام أيضًا وسيلة لتزويد وتدعيم تطوير وإصلاح السياسات الاجتماعية وسياسات حماية الطفل، عن طريق توفير المعلومة والتحليل النوعي، من خلالها، لحالة الطفولة في الجزائر. – تكثيف الزيارات الميدانية للمؤسسات والمصالح المُستقبِلة للأطفال بكل ولايات الوطن. – مواصلة تكوين كل المتدخلين في مجال الطفولة.

رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، ركز كثيرًا في برنامجه وخطاباته على ضرورة التكفل بشريحة الأطفال خاصة في مناطق الظلّ من خلال توفير كل شروط الحياة الكريمة، كيف ترافق هيئتكم هذا المسعى لتجسيده ميدانيا بالتنسيق مع السلطات المحلية؟

مريم شرفي: فعلا، من بين المحاور الأساسية ذات الأبعاد الإستراتيجية في برنامج السيد رئيس الجمهورية هو تنمية مناطق الظلّ، وإيلاء عناية فائقة لترقية حقوق الطفل، الذي حظي بمكانة خاصة في التعديل الدستوري الأخير، لاسيما بتكريس المصلحة العليا للطفل (المادة 71). رئيس الجمهورية شدّد على ضرورة ترقية حقوق الطفل من خلال التعديل الدستوري الأخير لا يخفى على الجميع الظروف المزرية التي يعيشها بعض مواطنو هذه المناطق بما فيهم الأطفال، إذ نسجل نقص كبير في المرافق الضرورية على سبيل المثال، بعد المؤسسات التربوية والاستشفائية، عن المسكن ونقص النقل المدرسي والمطاعم المدرسية وانعدام فضاءات الترفيه والرياضة…. إلخ، وبهذا الشأن، فقد حرصت الدولة من خلال قانون المالية لسنة 2021 على تخصيص حيز هام للنهوض بمناطق الظل. فضلًا عن ذلك، فإن المفوض الوطني لحماية الطفولة يقوم بزيارات ميدانية للمؤسسات والمراكز المعنية باستقبال الطفولة عبر مختلف ولايات الوطن، للوقوف عن واقع التكفل بالطفولة قصد تحسينه، كما وضعت الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة آليات لتلقي الإخطارات عن انتهاكات حقوق الطفل أينما وجد، وتكفلت بعدة إخطارات تلقتها من مناطق الظل.

وفي الأخير نشكر لكم اهتمامكم بالطفولة لما للإعلام من دورٍ هام في تنمية الوعي الجماعي وهي فرصة لتذكير المواطنين ان حماية الطفولة هي مسؤولية جماعية تتطلب منا الحرص واليقظة والعمل التشاركي والتشابكي من أجل تحقيق المصلحة العليا لأطفالنا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى