ثقافةمن الذاكرة

5 جويلية 1962 ..فرصة لاستذكار تاريخ الأمجاد

يعتبر إحياء الذكرى الـ 59 لاستقلال الجزائر فرصة سانحة لاستذكار السياق التاريخي لهذه الملحمة التي ضحى من أجلها الشعب الجزائري التواق للحرية خلال 130 سنة من الكفاح تحت نير الاستعمار، بالنفس والنفيس.

ويشكل هذا التاريخ بالنسبة لبعض شهود العيان بغرداية من بين أولئك الذين أحيوا أول ذكرى الاحتفال بالاستقلال يوم 5 جويلية  1962 تاريخا رسميا يمحو تاريخ استسلام داي العاصمة يوم 5 جويلية 1830، أي بداية الاحتلال.

وحسب المجاهد الحاج محمد جبريت الذي تقلد عدة مناصب في صفوف جيش التحرير الوطني في منطقتي غرداية والبيض، فإن مشاهد البهجة علت لاسيما في غرداية فور الإعلان عن وقف إطلاق النار في الـ 19 من مارس وتكثفت إلى غاية نهاية شهر جويلية 1962.

وانتشر حينئذ العلم الوطني على نطاق واسع وامتدت مواكب من المركبات والخيالة والجمالة وصور البهجة تطبع الأجواء بين الطرقات ومختلف القصور وقرى غرداية، يروي المجاهد، مذكرا أن الاحتفالات كانت قد انطلقت من مدينة العاطف، مأوى المجاهدين.

كما انتشر العلم الوطني في كل من وادي مزاب وبريان والقراره ومتليلي وزلفانة منصورة والمنيعة، حيث تجمعت العامة في مساكن النبلاء للإنصات للأناشيد الوطنية والقصائد والخطابات التي كانت تبثها الإذاعة مع احتساء الشاي وأكل الحلويات.

وأشار المجاهد إلى أنه تم توكيله للحضور على مستوى دائرة غرداية مراسم رفع لأول مرة العلم الوطني الذي استخلف العلم الفرنسي.

ومن جهته، استذكر الحاج عبد الوهاب باقلي، أحد المناضلين من الطليعة ووزير السياحة سابقا، مشاهد الفرحة التي مست كل شرائح المجتمع باختلاف مشاربهم في منطقة غرداية، مؤكدا أن “هذه المنطقة كانت بمثابة ملجأ ومخبأ لعديد المناضلين والمجاهدين خلال الفترة الممتدة من الإعلان عن وقف إطلاق النار إلى تاريخ خروج المستعمر”، ومشيرا إلى أن هذه المنطقة لطالما كانت محل تهديدات المنظمة السرية الخاصة التي كانت تطارد لاسيما التجار الذين كانوا يمارسون مهنتهم في شمال البلاد.

وهرب العديد من التجار الذين ينحدرون من غرداية ومتليلي نحو غرداية لتفادي تهديدات المنظمة التي كانت تتهمهم بتزويد جبهة التحرير الوطني بالقصبة والمدن الساحلية بالأموال.

فبين وقف إطلاق النار والإعلان عن الاستقلال، تم استدعاء المنفيين نحو تونس والمغرب وكذا الطلبة الذين أرسلتهم الجبهة ليتكونوا في الخارج حتى يشارك الجميع في بناء الجزائر الحرة، على حد قول الحاج باقلي الذي كان يدرس بإيطاليا وعضوا في الاتحاد العام للطلاب الجزائريين.

            ==مرحلة للتضامن والتآزر==

 

وتميزت هذه المرحلة بالتضامن والتآزر بين ساكنة المنطقة حيث تم تعيين موقع ببريان (المداغ) كمكان لاستقبال والتكفل بالمجاهدين والمساجين والطلبة.

فعلى سبيل المثال، احتفل مجموعة من الطلبة منحدرين من منطقة غرداية تم ارجاعهم إلى ارض الوطن بين 19 مارس و 5 يوليو 1962، بعرسهم جماعيا طبقا لتقاليد المنطقة.

ولقد كان الاهتمام الشعبي بالعمليات التضامنية مثاليا اتجاه المجاهدين العائدين من الجبال أو المساجين المُفرج عنهم.

وقال الحاج عامر بن خليفة المدعو بلعجال وهو مسجون سابق من طرف جيش الاحتلال وتم الافراج عنه يوم 18 أفريل 1962 بسركاجي، ان مرحلة وقف اطلاق النار كانت الأصعب بالنسبة للجزائريين بسبب أعمال العنف والنشاطات الارهابية التي ارتكبتها منظمة الجيش السري.

وأكد يقول “لقد كنا مهددين بالموت حتى في السجون”، مضيفا “لقد سقطت علينا ساعات بعد اتفاق وقف اطلاق النار مقذوفة أطلقتها مجموعة من منظمة الجيش السري لكن لم تخلف لحسن الحظ ضحايا”.

واسترسل “لقد سرحنا سريا للهروب من انتقام منظمة الجيش السري”، موضحا ان “تضامن الشعب الجزائري كان مثاليا خلال هذه المرحلة حيث حظينا باستقبال أخوي بكامل الطريق الرابط بين الجزائر وغرداية”.

ويروي بلعجال الذي عين كمنسق لتطبيق اتفاق وقف اطلاق النار بمتليلي مشاهد الفرح التي ميزت أول احتفال باستقلال البلاد وتخللتها صور لعائلات التم شملها بعد سبع سنوات من الفراق.

ويعد الاحتفال بعيد الاستقلال فرصة لإبراز افتخار وتفان الشعب الجزائري اتجاه وطنه وكذا استذكار التضحيات الجسام لتحرير هذا البلد وتعزيز وحدته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى