Non classé

المغرب : غياب الدولة في مراقبة جودة الأدوية يهدد صحة المواطن

أثارت سياسة الدولة المغربية المتبعة في قطاع الصحة عموما وسوق الأدوية بالخصوص، الكثير من المخاوف والانتقادات جراء انعدام التنظيم والتأطير لهذا القطاع سيما ما تعلق بمراقبة جودة الأدوية مع كل ما يمثله ذلك من خطورة على الأمن الدوائي وعلى صحة المواطن.

و أكد المجلس الأعلى للحسابات في تقرير له أن المقتضيات التنظيمية المؤطرة لقطاع الأدوية بالمغرب تتميز بعدم الوضوح, وخاصة تلك المتعلقة بالمخزون الاحتياطي للأدوية وصيغة تحديد سعر بيع الأدوية الجنيسة.

و أوضح أن المرسوم المتعلق بشروط وكيفيات تحديد سعر بيع الأدوية المصنعة محليا أو المستوردة, لم يحدد طريقة تحديد أسعار الأدوية التي لا تحمل لا صفة دواء أصلي ولا صفة دواء جنيس.

و شدد على أن “الإطار القانوني المعمول به لا يشجع على تطوير الإنتاج المحلي, بشكل عام, وسوق الأدوية الجنيسة خصوصا, وبالتالي على توافر الأدوية”, لافتا الى أن السياسة الدوائية التي وضعتها وزارة الصحة في سنة 2012, “لم تخضع لأي تتبع دوري, ولم يتم تنفيذ أغلبية الإجراءات المسطرة بها”.

اشكالية أخرى تناولها التقرير وتخص عملية الإذن بالعرض في السوق والمراقبة وتحديد أسعار بيع الأدوية للعموم, حيث اكد أنها “تتسم بغياب نظام معلوماتي مندمج ومن ضعف تغطية أنشطة مديرية الأدوية والصيدلة المتعلقة بالأدوية, وبالتالي, يتم الاعتماد على التطبيقات المكتبية والسجلات اليدوية, على مستوى أغلبية المصالح, من أجل تتبع الملفات, مما لا يضمن موثوقية البيانات”.

و بخصوص آليات ضمان توافر وجودة الأدوية, أكد المجلس أنه لا يتسنى التأكد من أن عمليات الإذن بالعرض في السوق والمراقبة وتحديد ثمن بيع الأدوية, تمكن من ضمان توافر أدوية عالية الجودة في السوق الوطنية, حيت أن الوزارة لا تتوفر على بيانات حول الإنتاج الوطني للأدوية ولا يزال نظام تقييم الاحتياجات الوطنية من الأدوية الأساسية غير مكتمل وغير دقيق.

كما تقتصر عملية مراقبة المخزون الاحتياطي للأدوية على تسجيل المعلومات التي تصرح بها المؤسسات الصيدلية الصناعية, التي تصرح بوضعية مخزونها الاحتياطي لبعض الأدوية فقط, في حين لا تقوم المؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة بالتصريح بوضعية مخزونها الاحتياطي كما تنص على ذلك الأنظمة الجاري بها العمل.

و سبق ان حذرت عدة جهات, ومنها الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة, من سياسة الدولة في هذا المجال ومن انعدام المراقبة لسوق الأدوية, حيث تحدثت عن عملية “إغراق السوق الوطنية بأدوية مغشوشة ومزورة تهدد صحة المواطن”.

و ذكرت الشبكة, في تقرير سابق لها, “بتراجع جودة عدد من الأدوية التي تسوق داخل المملكة في القنوات القانونية والمؤسساتية, إذ لا تحترم المعايير الدولية في الجودة والفعالية بسبب اللجوء إلى شراء و استعمال مكونات أقل جودة من الصنف الثالث أو الرابع, ما يضعف الفعالية والجودة لهذه الأدوية”.

و اعتبرت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة أن “الصناعة الوطنية للأدوية غير قادرة على الصمود أمام المنافسة الدولية و ايضا بسبب منطق الاحتكار والمضاربات والعراقيل البيروقراطية الصادرة عن مديرية الأدوية, والتدخلات السياسية لفائدة لوبي الاحتكار الذي يعتمد فقط على الواردات من الخارج ويستفيد من امتيازات الترخيص السريع وفرض أسعاره ومن الصفقات العمومية”.

و تكتسي ظاهرة انعدام الرقابة على الادوية خطورة كبيرة بالمملكة وصفت ب”الجريمة” ضد المرضى وخاصة بحق ذوي الامراض المزمنة.

ظاهرة أخرى تم التحذير منها وتنتشر بقوة في المغرب هي بيع الادوية خارج الصيدليات, حيث يتم الترويج وبيع الدواء في محلات لا تراعي شروط السلامة والقانون, مما يشكل خطرا محدقا بصحة المرضى.

و في هذا الاطار, نبه اتحاد نقابات صيادلة المغرب, في بيان له مؤخرا, إلى أن صرف الأدوية ينبغي أن يتم حصرا على مستوى الصيدليات أو المؤسسات المنصوص عليها في التشريعات الوطنية, وذلك من أجل الحفاظ على سلامة وصحة المواطنين. ودعا “كل الباعة والمحال التجارية التي تخول لنفسها هذه التجاوزات القانونية, إلى التراجع عن الأفعال المجرمة قانونا”.

و يقول الصيدلاني وعضو الجامعة الوطنية لحماية المستهلك, حسن بادو, إن “مشكلة بيع الأدوية في الدكاكين متفش بكثرة, إذ ارتبط في البداية ببيع أقراص المسكنات والأسبرين, فأصبحنا نجد اليوم بيع بعض أكياس الدواء ضد الزكام, وحتى الأقراص المضادة للالتهابات”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى