أكد المشاركون في المنتدى الاقتصادي الجزائري-الفيتنامي, المنعقد اليوم الأربعاء بالجزائر العاصمة, الرغبة المشتركة لدى البلدين في الارتقاء بالعلاقات التجارية الثنائية إلى مستوى شراكة استراتيجية شاملة, تقوم على التعاون الصناعي والاستثمار المشترك وبناء سلاسل إنتاج متقدمة.
وجرت أشغال هذا المنتدى, المنظم تحت شعار "الجزائر-فيتنام: من أجل شراكة اقتصادية منتجة ومستدامة", برئاسة الوزير الأول, السيد سيفي غريب, ونظيره الفيتنامي, السيد فام مينه شينه, وذلك بحضور أعضاء من الحكومة, إلى جانب المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار, عمر ركاش, رئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري, كمال مولى, إضافة إلى مستثمرين ورجال أعمال من الجانبين.
وفي هذا الإطار, أوضح وزير التجارة الخارجية وترقية الصادرات, كمال رزيق, أن تنظيم هذا المنتدى يعد "تتويجا لمشوار حافل بالطموحات المشتركة, وانعكاس مباشر لرغبتنا الجماعية في تحويل العلاقات التجارية الثنائية إلى شراكة استراتيجية شاملة, تتجاوز التبادل السلعي البسيط, نحو التعاون الصناعي, والاستثمار المشترك, وبناء سلاسل إنتاج متقدمة".
ويمثل ذلك "فرصة تاريخية" للبلدين, حسب الوزير الذي أبرز امكانياتهما الاقتصادية والمزايا الواعدة لتعاونهما, "فبينما تعد فيتنام واحدة من نمور آسيا, فإن الجزائر تمتلك موقعا جيو-استراتيجيا, وقاعدة صناعية ناشئة, وسوقا داخلية واعدة تربط بين ثلاث قارات ذات طاقة استهلاكية تفوق ملياري نسمة".
وبعد أن لفت إلى "متانة" العلاقات الجزائرية-الفيتنامية "المميزة جدا", تاريخيا وسياسيا, أوضح السيد رزيق أن المبادلات التجارية بين الطرفين عرفت "تطورا تدريجيا "يعكس اهمية الامكانيات "التي لم تستغل بعد".
و بعد أن اشار الى ارتفاع التبادلات التجارية بين البلدين خاصة في السنوات الأخيرة, أبرز الوزير انتقال الجزائر من الاعتماد الكلي على تصدير المواد الأولية, إلى تصدير منتجات ذات قيمة مضافة من منتجات زراعية, فلاحية وصناعية, مؤكدا ضرورة توفير التسهيلات وبناء آليات تعاونية "فعالة ومستدامة" تعزز الشراكة الاقتصادية, على غرار مجلس رجال الأعمال الجزائري-الفيتنامي, الذي سيشكل "منصة استراتيجية" لتعزيز التواصل وتحديد الفرص الاستثمارية المشتركة, بما يفتح آفاقا أوسع أمام المستثمرين من الجانبين.
بدوره, أكد نائب وزير المالية الفيتنامي, دو تانه ترونغ, إرادة الجزائر وفيتنام في جعل المنتدى الاقتصادي "نقطة انطلاق لمرحلة تعاون جديدة, أكثر عمقا واستدامة وفعالية", بهدف "بناء شراكة استراتيجية حقيقية تقوم على المنفعة المتبادلة, وتشكل خطوة كبيرة نحو مستقبل مشترك مزدهر".
وأضاف بأن بلاده تعمل رفقة الجزائر على توسيع تعاونهما حيث أن علاقات الصداقة بين البلدين "تشكل قاعدة متينة لتطوير الشراكة الثنائية", منوها بالتقدم الذي حققه التعاون الاقتصادي بين البلدين في السنوات الأخير ة, مع إمكانية تحقيق قفزة في قطاعات الطاقة والمعادن, البناء, تطوير البنى التحتية, الزراعة ذات التكنولوجيا العالية, والصناعات التحويلية.
وأكد المسؤول استعداد المؤسسات الفيتنامية لمرافقة الشركاء الجزائريين في مشاريع ملموسة تعود بالنفع على الطرفين, مجددا التزام حكومة بلاده بالعمل على تجسيد الالتزامات وتحويلها إلى مشاريع عملية, مع تهيئة الظروف المناسبة للمشاريع الاستثمارية, خاصة تلك التي تكتسي طابعا استراتيجيا. من جهته, توقع نائب وزير الفلاحة والبيئة الفيتنامي, نغوين هوانغ هييب, أن يكون لهذا للمنتدى نتائج ايجابية ملموسة إذ ينتظر توقيع عدة عقود "هامة" بين مؤسسات البلدين, مشيرا إلى أهمية الوفد الذي رافق الوزير الأول في زيارته إلى الجزائر.
وبعد أن أبرز أهمية قطاع الفلاحة في الاقتصاد الفيتنامي, أكد السيد هييب على ضرورة تعزيز التعاون الفلاحي بين فيتنام والجزائر, عبر تحديد نقاط اتصال مباشرة بين الجانبين, إعادة مراجعة اتفاقية التعاون الفلاحي الموقعة بين البلدين سنة 2004, والعمل على اعتماد خطة عمل جديدة لتفعيلها بما يتناسب مع السياق الحالي.
وفي كلمة ألقاها بالمناسبة, أبرز السيد ركاش من جانبه أهمية الاطار القانوني الجديد للاستثمار في الجزائر والذي يقوم على مبادئ الاستقرار التشريعي, والمساواة بين المستثمرين المحليين والأجانب, وحرية تحويل الأرباح, مع توفير آليات فعالة لتسوية المنازعات, إلى جانب اعتماد مجموعة من الأنظمة التحفيزية تشمل المزايا الضريبية وشبه الضريبية.
كما ركز على المزايا التنافسية للجزائر, حيث تتوفر على موارد طبيعية وطاقة بأسعار تنافسية, وبنية تحتية هامة, إضافة إلى قوة عاملة شابة ومؤهلة, مشيرا إلى أن البلاد توفر فضاءات واسعة للتكامل الاقتصادي والشراكات الاستراتيجية القائمة على نقل التكنولوجيا, تطوير الصناعة, وتعزيز الأمن الغذائي.
بدوره, تطرق السيد مولى في كلمته إلى الإصلاحات التي عرفتها الجزائر في السنوات الأخيرة بهدف تحفيز الاستثمار واستقطاب رؤوس الاموال الأجنبية, وترقية الصادرات خارج المحروقات, والتي سمحت بتسجيل أزيد من 18 ألف مشروع استثماري على مستوى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار.
وستسمح اللقاءات الثنائية بين المؤسسات الجزائرية والفيتنامية فرصة هامة لاستكشاف الإمكانيات الكبيرة المتاحة في الجزائر, حسب السيد مولى الذي دعا إلى الاستثمار في شراكات صناعية قائمة على الإنتاج المشترك, ليس فقط لتلبية احتياجات السوق المحلية, بل أيضا للتوجه نحو التصدير المشترك, لا سيما وأن الجزائر تتواجد في موقع جغرافي "استراتيجي".
أما ممثل رجال الأعمال الفيتناميين, لي نغوك سون, فاعتبر بأن البلدين بصدد القيام بخطوة تاريخية في علاقاتهما من خلال الارتقاء بتعاونهما إلى مستويات عالية, داعيا إلى الارتكاز في ذلك على التجارب الناجحة لا سيما تلك المحققة في قطاع الطاقة.

