حذر المشاركون في ندوة احتضنها البرلمان الأوروبي, يوم الأربعاء, من تبعات الاتفاق التجاري الأخير بين المغرب والاتحاد الأوروبي على مستقبل التسوية السياسية الأممية في الصحراء الغربية وعلى حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير, مؤكدين أن هذا الاتفاق يقوض الجهود الأممية الرامية لتسوية القضية الصحراوية.
وفي مداخلته خلال هذه الندوة الموسومة ب"تأثير الاتفاق الجديد الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية على مستقبل التسوية السلمية في الصحراء الغربية", أوضح المستشار الخاص للرئيس الصحراوي المكلف بملف الثروات الطبيعية والقضايا القانونية ذات الصلة, أبي بشراي البشير, أن الهدف من اللقاء هو الرد على المفوضية الأوروبية التي تتحجج بأن الاتفاق "اقتصادي فقط وليست له أي تداعيات سياسية".
وقال أن الحديث على أن هذا النوع من الاتفاقيات ليست لديه تبعات سياسية على مسار التسوية و على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير "مغالطة كبيرة", لأن هذه الاتفاقيات تخدم المغرب فقط وتساعده على تكريس احتلاله العسكري اللاشرعي للصحراء الغربية عن طريق الاقتصاد ومحاولة فرض الأمر الواقع.
وأبرز المسؤول الصحراوي أن الاتفاق الحالي تترتب عنه أضرار كبيرة بالنسبة للشعب الصحراوي, خاصة ما تعلق بالحق في تقرير المصير في جانبيه المتعلقين بالسيادة المستدامة على الثروات الطبيعية وبالوحدة الترابية للإقليم من خلاله إدخاله في إطار المملكة المغربية, وهو ما يتعارض مع الوضع القانوني للإقليم ومع قرارات المحكمة الأوروبية التي تؤكد أن "المملكة المغربية والصحراء الغربية إقليمان متمايزان ومنفصلان".
كما يترتب عن ذلك, يضيف ذات المصدر, "تأثير سلبي على العنصر الثالث من عناصر تقرير المصير المتعلق بحق الشعب الصحراوي في تحديد الوضع النهائي للإقليم, وبالمقابل مساعدة المغرب في الترويج لأطروحات لفرض الأمر الواقع الاستعماري". وذكر السيد أبي بشراي البشير بالنتيجة الإيجابية المسجلة في عملية التصويت التي جرت يوم 26 نوفمبر 2025 لإسقاط الاتفاق من خلال الاعتراض على "وسم المنتجات" الصحراوية بالشكل المعمول به في الاتفاق الجديد بالأغلبية, رغم حجب القرار بفارق صوت واحد.
ولفت الى أن نتيجة التصويت "تشجعنا على المضي قدما في خوض المعركة بالاعتماد على الأغلبية الكبيرة التي تتشكل في البرلمان لإسقاط الاتفاق وهي معركة لا نملك خيارا سوى الفوز فيها".
من جهته, أكد رئيس مجموعة الصداقة مع الشعب الصحراوي في البرلمان الأوروبي, النائب آندريآس شيدر (النمسا), في مداخلته, أن نزاع الصحراء الغربية وان كان يقع جغرافيا في إفريقيا, إلا أن تداعياته كبيرة على أوروبا أيضا, بسبب المسؤولية التاريخية والقانونية التي تقع على عاتق إسبانيا كعضو في الاتحاد من خلال عدم تصفية الاستعمار من الإقليم.
وشدد على أنه "حان الوقت لحل نزاع الصحراء الغربية وإنهاء معاناة الشعب الصحراوي من خلال تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير", مشيرا إلى أن أوروبا يجب أن تلعب "دورا مهما" في ذلك, ومنبها إلى أن الاتفاق التجاري الأخير عمق الأزمة بدلا من المساهمة في الحل.
كما حذر من أن هذا "الاتفاق يقوض ويعرقل الجهود الأممية الرامية لتسوية القضية الصحراوية". بدورها, عبرت النائب آنا ميراندا (اسبانيا) عن أملها في إسقاط هذا الاتفاق من خلال البرلمان الأوروبي وقت عرضه على التصويت.
أما رئيس التنسيقية الأوروبية للتضامن مع الشعب الصحراوي (الأوكوكو), بيار غالان, فأكد, في مداخلته, أن "ربح رهان سيادة الشعب الصحراوي على ثرواته الطبيعية يعتبر نقطة مركزية في عمل التضامن الأوروبي كما تجلى ذلك في أشغال الطبعة ال49 للتنسيقية الأوروبية المنعقدة مؤخرا في باريس".
وشدد على أن حركة التضامن الأوروبية سترافق المجموعة البرلمانية الأوروبية خلال المحطات القادمة من أجل ربح هذا الرهان وإسقاط الاتفاق, وبالتالي تأكيد الشرعية من داخل "السلطة التشريعية والشعبية" في أوروبا, معتبرا أن ذلك سيشكل رسالة قوية للسلطة السياسية والقوى الأوروبية التي تحاول الدوس على القانون وعلى حق الشعب الصحراوي خدمة لأجندة ضيقة مع الاحتلال المغربي.

