رافقت احتجاجات كبيرة جلسة محاكمة الناشط الحقوقي سعيد أيت مهدي، رئيس “تنسيقية المتضررين من زلزال الحوز”، اليوم الاثنين، بالمحكمة الابتدائية لمراكش، مطالبة بوقف متابعته والكف عن التضييق على النشطاء والحقوقيين وكل أصحاب الكلمة الحرة في المغرب.
وذكرت مصادر إعلامية محلية أن “محيط المحكمة عرف حضورا قويا لمجموعات كبيرة من متضرري الزلزال، إلى جانب محامين وفاعلين حقوقيين للتضامن مع الناشط المتابع في حالة اعتقال”.
ويطالب المحتجون بإطلاق سراح الناشط أيت مهدي، مؤكدين أن متابعته “مجرد طريقة للانتقام منه” “وإخراس صوت المتضررين من طريقة صرف الدعم المخصص للضحايا”.
ويتابع سعيد أيت مهدي بتهم تتعلق ب”السب والقذف والتشهير في حق موظفين عموميين، على خلفية ثلاث شكايات تقدم بها مسؤولون محليون ضده”.
وعبرت عدة هيئات وتنظيمات حقوقية ومدنية عن “استنكارها الشديد” لهذا الاعتقال الذي وصفته بـ “التعسفي”، معتبرة أنه يأتي “في سياق التضييق على الحريات الأساسية ومحاولة إسكات الأصوات المدافعة عن حقوق المتضررين من الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة”.
وأدى اعتقال الناشط الحقوقي “الصوت الناطق باسم متضرري الزلزال”، إلى تنامي الاحتقان في صفوف السكان، على خلفية احتجاجاتهم السلمية للمطالبة بإنصافهم في التعويضات من الزلزال.
وتأتي المحاكمة، في وقت لا تزال فيه الأسر المتضررة تعيش في خيام بلاستيكية بعد مرور أكثر من عام عن وقوع الزلزال المدمر، في ظل قساوة الطقس وتساقط الثلوج وتأخر عملية إعادة الإعمار نظرا لفشل الحكومة في تدبير هذا الملف.
وحسب نشطاء حقوقيين وفاعلين جمعويين، فإن الوضع في قرى إقليم الحوز “يزداد تعقيدا وصعوبة” ويطرح أكثر من علامة استفهام حول التناقض الذي يكتنف هذا الملف بخصوص عملية إعادة الإعمار، منتقدين أداء الحكومة “المخيب” نتيجة “غياب برامج واضحة لإعادة الإعمار وتباطؤ الإجراءات في بناء وتأهيل المؤسسات العمومية من مدارس ومستشفيات”، إضافة إلى ضعف الدعم المخصص لإعادة بناء المنازل المدمرة.
علاوة على غياب الدعم، واجه الضحايا، حسب المصادر ذاته، مظاهر الابتزاز والنصب من قبل بعض التجار والمقاولين ممن وصفوا بـ “مستغلي الأزمات” بغية الربح المادي، الأمر الذي زاد من حدة معاناتهم وأبطأ وتيرة إعادة الإعمار.
وفي سياق متصل، استنكرت البرلمانية، عائشة الكوط، عن حزب “العدالة والتنمية”، تعرض مجموعة من متضرري الزلزال لعملية “نصب” من طرف أحد المقاولين في مجال البناء، قائلة إنه “تمت تزكيته لهم من طرف بعض المسؤولين في المنطقة”، معتبرة أن “ما حدث إجهاز على حلم المتضررين بإعادة بناء مساكنهم وفظاعة عمقت مآسي هؤلاء الذين عانوا من الزلزال وما بعد الزلزال”.
وأوضحت الكوط، في سؤالها الموجه لوزير الداخلية، أن هؤلاء المتضررين صرحوا بأنهم سلموا مقاولا مبالغ مالية لإعادة بناء سكناتهم المنهارة، مشيرة إلى تعرض الكثير من العائلات للاحتيال من طرف ذات المقاول وأن هذا “أمعان في تعميق مآسي المنكوبين”.
وفي ظل استمرار هذه المعاناة، يبقى تساؤل كبير حول مدى قدرة الحكومة على معالجة مأساة المتضررين من الزلزال وتوفير حياة كريمة لهم، من خلال التوزيع العادل للمساعدات والموارد لإعادة إعمار المنطقة المتضررة.
